القائمة الرئيسية

الصفحات

 

 

جزيرة العرب وأحوال سكانها قبل البعثة النبوية

 

   إن معرفة تاريخ العرب يتوقف على معرفة بلادهم وطبيعتها ومناخها. أما بلادهم فيطلق عليها شبه الجزيرة العربية، وتقع في الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا وتحيط بها المياه من أكثر جهاتها، فيحيط بها شرقا خليج عمان والخليج العربي، ويحيط بها غربا خليج العقبة والبحر الأحمر – كان يسمى بحر القلزم - ويحيط بها جنوبا خليج عدن وبحر العرب، وتتصل شمالا ببلاد الشام، والعراق حتى شط العرب ونهر الفرات، ولا يوجد إلا جزء من شمالها لا تحيط به المياه، ولذلك سمى الجغرافيون العرب موطنهم الأول، جزيرة العرب مع أن المياه لا تحيط بها في جميع جوانبها. وجزيرة العرب هذه هي موطن العرب من قديم الزمان.

وتمتاز بكونها في قلب بلاد العالم القديم، لأنها تحتل جزءا من قارة آسيا، يسهل الوصول من خلاله إلى كل من قارة إفريقيا وقارة أوربا، كما أنها كانت أهم حلقة اتصال بين القارات الثلاث آسيا أوربا وإفريقيا، وكانت البضائع المنتجة فيها، أو الواردة إليها من الهند وشرقي آسيا وجنوبها الشرقي تصدر منها إلى العراق والشام ومصر وبلاد اليونان والرومان.

وينقسم العرب إلى قسمين رئيسيين، البدو الرحل وهم الذين يعيشون في البوادي والصحاري وعملهم هو رعي الماشية. والحضر وهم الذين يعيشون ويستقرون في الحواضر مثل مكة ويثرب '' المدينة المنورة ''. وغالب عملهم في الزراعة والصناعة والتجارة.

 

نشأة إسماعيل في مكة وبناء الكعبة

يقع إقليم الحجاز في غرب الجزيرة العربية وهو إقليم متسع كانت تمر به قوافل التجارة بين الشام واليمن وأشهر مدنه مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وكان نبي الله إبراهيم عليه السلام قد قدم إلى مكة من فلسطين قبل أربعة آلاف عام ومعه زوجه هاجر وابنه إسماعيل، وكانت مكة في ذلك الزمان واديا قفرا لا ماء فيها ولا نبات تحيط بها الجبال، وفي ذلك الوادي وبأمر من رب العالمين ترك إبراهيم عليه السلام زوجته هاجر وابنه إسماعيل وعاد إلى فلسطين بعدما دعا الله تعالى أن يتولاهما برحمته ويشملهما بعطفه، وقد استجاب الله دعاء نبيه وفجر للرضيع وأمه عين ماء مبارك روتهما وكانت رحمة لهما وللأمة بعدهما وهي عين زمزم، فأخذت القبائل تتوافد على الماء وتستقر بمكة حتى سميت مكة منذ ذلك التاريخ بأم القرى.

وعندما شب إسماعيل وكبر تزوج وكثر نسله وكان أبوه يتردد عليه لزيارته، ثم إن الله تعالى أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أن يبني الكعبة فقام رفقة ابنه إسماعيل بمهمة البناء ورفع الجدران حتى اكتمل البناء فأمره سبحانه وتعالى أن يؤذن في الناس بالحج ليقصدوا مكة رجالا وعلى كل ضامر  يأتين من كل فج عميق فصارت مكة محجا يقصده الناس للطواف بالكعبة وللسعي بين الصفا والمروة.

قبيلة قريش وسيادتها

نشأت قبيلة قريش بهذا الإقليم، وكان لرجالها السيادتان الدينية والتجارية في مكة، وكانت لها رحلتان، رحلة في الصيف ورحلة في الشتاء قال سبحانه وتعالى: ( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) سورة قريش 1-4.

عظم شأن مكة لما تولى رئاستها قصي بن كلاب، وهو الجد الرابع للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة الأب وكان رجلا وقورا وحازما وقد قام بأعمال جليلة أهمها:

 نظم أحوال الناس في مكة.

أنشأ دار الندوة ليجتمع فيها أهل مكة للتشاور في أمورهم العامة والخاصة.

جدد بناء الكعبة عندما تهدم بعض أركانها.

قام بخدمة فقراء الحجاج بتقديم الطعام والشراب لهم.

 

 أحوال العرب الاجتماعية والأخلاقية قبل مجيء الإسلام

كان العرب قبل الإسلام قبائل متعددة، وكانت كل قبيلة تتكون من عدد من العشائر والعشيرة الواحدة تتألف من مجموعة من الأسر، وكان أفراد كل قبيلة يتعصبون لقبيلتهم ويدافعون عنها ضد أي اعتداء أو عدوان، وقد كان ينشأ كثير من التنازع والتقاتل فيما بين القبائل بسبب الاختلاف على موارد المياه أو المراعي، وكانت أسباب الحروب تافهة، فقد يكون السبب نفساني كحرب داحس والغبراء، أو يكون السبب اقتصاديا مثلا، كما هو الحال في حرب البسوس أو يكون العامل سياسيا مثل حروب الأوس والخزرج أو غير ذلك من الأسباب.

وكانوا يضعون عنهم الحروب في الأشهر الحرم، وهي ذي القعدة وذي الحجة ومحرم ورجب.

كما كانت لهم أسواقا كثيرة يجتمعون فيها ويتداولون، ومنها سوق عكاظ وذو المجاز ودومة الجندل وغيرها.

وكان للعرب في جاهليتهم أخلاق حميدة مثل الكرم والمروءة والشجاعة والوفاء بالوعد، واحترام الجار كما كانت لهم صفات ذميمة مثل الأخذ بالثأر، ووأد البنات والربا والقمار والميسر وشرب الخمور وتحسيه، وغير ذلك من الأخلاق التي تنفرها الطباع البشرية.

 الحالة الدينية في جزيرة العرب قبل مجيء الإسلام

أما عن الحالة الدينية التي كان عليها الناس في الجزيرة العربية قبل مجي الرسالة، فكانت عبادة الله على دين إبراهيم منتشرة في مكة، وكان الناس يعرفون بالحنفاء، إلا أنه مع مرور الزمان، وتعاقب الأيام أخذ الناس يتناسون دين أبيهم إبراهيم عليه السلام، واتجهوا إلى عبادة الأصنام مقلدين في ذلك سكان بعض البلاد المجاورة.

أما في باقي أنحاء الجزيرة العربية فقد تعددت الأديان بين الناس، فمنهم من كان يعبد الكواكب والشمس والقمر، ومنهم من كان يعبد النار وهم المجوس، ومنهم طائفة تزعم أنها على دين اليهود، وطائفة أخرى يدعون أنهم نصارى، ولم يبق منهم سوى فئة قليلة ظلت محافظة على ملة إبراهيم عليه السلام منتشرة في مكة وما جاورها.

ومن ذلك نعلم أن جزيرة العرب قبل ظهور الإسلام لم تكن على دين واحد بل كانت تنتشر فيها ديانات متعددة.

ومما تجب الإشارة إليه أن العرب أيضا تناسوا دين إبراهيم وعرفوا عبادة الأصنام والأوثان، وقد تحدث القرآن الكريم عن أسماء بعض أصنامهم ومنها اللات والعزى ومناة وود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا، في هذه الظروف الدينية والاجتماعية، سيكون مجيء نبي الله محمد لينقذ ويصلح 
حال الناس ويرشدهم إلى طريق سوي مستقيم، فجاءت تباشير هذا النبي بولادة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.

تعليقات