القائمة الرئيسية

الصفحات

الدولة المملوكية في عصر محمد بن قلاوون


الملك الناصر محمد بن قلاوون: 

هو السلطان الملك الناصر ابو الفتح ناصر محمد، ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي النجمي الالفي سلطان الديار المصرية ،مولود بالقاهرة في سنة اربع وثمانين وستمائة، بقلعة الجبل جلس ،علتى الملك بعد مقتل اخيه الملك الاشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون, يعتبر الملك الناصر هو السلطان التاسع من ملوك المماليك، بويع بالسلطنة يوم الخميس ثامن عشر محرم سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وكان عمر في ذالك الوقت عند توليه السلطنة نحو تسع سنين، وعينة الامير زين الدين كتبغا المنصوري، نائب السلطان بدلا من بيدرا، والامير علم الدين سنجر الشجاعي وزيرا عوضا عن ابن السلعوس، وكان كتبغا، والشجاعي هما المتحكمان بدواليب السلطة، وأمور البلاد أما الناصر فقد كان مجرد اسم فقط.

 الأوضاع الداخلي :

1 صراع الأمراء في عهد الناصر محمد في سلطنته الاولى: حول اغتصاب العرش بين ثالثة كبار من الامراء، هم الامير الشجاعي ،والامير كتبغا ،والامير لاجين ،وكان كل واحد منهم له تطلعا واطماع للاعتلاء على العرش، واتخذو صغر سن السلطان فرصة مواتية لتحقيق ذالك، فتوالي احداث الاضطهاد ،والقتل بعدما تولى الناصرمحمد الحكم كانوا السبب فيها، لرغبتهم في الانفراد بالنفوذ والسلطان، مما اذى الى اضطرابات في الدولة , فيذكر الدكتور محمد سهيل طقوش في كتابه " واخذ الامير كتبغا يتصرف بشكل يضمن تفرده بالنفوذ ليؤدي الدور نفسه، الذي سبق ان اداه الامير قطز مع السلطان علي بن ابيك، وما قام به الامير قلاوون مع سلامش بن بيبوس، كما احتاط لما يمكن ان يحدث في بلاد الشام، من قلاقل فيما لو انتشر خبر مقتل الاشرف خليل، وتولية اخيه الصغير الناصر محمد، فارسل الى عامل دمشق على لسا، الاشرف كتابا تضمن تعيين الناصر محمد وليا للعهد، وطلب منه ان يأخد البيعة له، وان يذكر اسمه مع السلطان الاشرف خليل في الخطبة، ثم ارسل كتابا اخر، طلب فيه من الواليا يصادر اموال وممتلكات كل من الامراء بيدرا ولاجين، وقراسنقر وغيرهم ممن اشتركوا في مؤامرة قتل الملك الأشرف خليل..." تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام,محمد سهيل طقوش ,صفحة 213,دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع. 

   لم يعارض أهل دمشق على التغير الذي حصل في رئسة الحكم، بل ورحبوا بذالك,ولم يعترضوا على ذكراسم الناصر في خطبة الجمعة، بل وضلت تقام له واخيه الاشرف خليل لمدة ثلاثة اشهر,بدأ البحث عن قتلة الأشرف خليل بعد هدوء الأوضاع الداخلية في البلاد ,وسرعا ما تم العثورعلى بعضهم، في حين ولى البعض الآخرالأدبار مثل حسام الدين لاجين، وقراسنقر وظلا متخفين حتى هداءت أوضاع البحث عنهما، فاتصلا بكتبغا وحصلا على أمان من السلطان الناصر محمد ولكن لم ينجو الأمير شمس الدين بن السلعوس، وزير الاشرف خليل من الإضطهادا التي تعرض لها بفعل معاداته للامراء في عهد السلطان الناصر محمد،فستغل الأمير الشجاعي الأمر لتخلص منه ،فاخذ يحط من شانه عند نائب السلطنة ،مما دفعه الى القبض عليه وتمت مصادرة أمواله ,وأنزل به أشد العقوبات حتى توفي. 
        اصبح لدى الشجاعي القوة والنفوذ، مما ضايق كتبغا واخافه فهو صاحب الكلمة في الدولة، وراح يهيىء لنفسه اسباب الوثوب الى العرش، ودعم موقفه باستقطاب بعض الامراء فاذى ذالك الى انقسام في الجند احدهما مع الشجاعي، والاخر مع كتبغا, فشل الشجاعي في التخلص من كتبغا فقرر هذا الاخير التخلص منه، فدعا اتباعه من جند الحلقة و المغولف، والاكراد ،ونزل بهم بظاهر الباب المحروق، فاضطر الشجاعي الى الخروج لملاقاتهم وحاول استقطاب بعض الامراء ما بذل لهم من المال وكان القليل من ساده منهم, اندلع النزاع في المجمع المصري ووصل الى مسامع السلطان ،الذي كان في جهل تام عما كان يحدث، واشتكى كل واحد منهم الى السلطان الذي عرض على الشجاعي نيابة حلب ليبعده عن القاهرة، فلم يوفق على ذالك فالراجح ان هذا الحل كان ورائه والدته خوند اشلون، باتفاق مع كتبغا، حتى تخلوا لهذا الاخير الساحة السياسية,بعد مقتل الشجاعي من طرف جماعة من المماليك البرجية ،عمد كتبغا الى الافراج عن الامراء المعتقلين ورد اليهم اقطاعاتهم، في خطوة لاستقطابهم واضعاف شوكتهم، حتى لا يثوروا في وجهه اذا ما استقل بالسلطة في المستقبل، كما حاول استقطاب الاميرين لاجين، وقراسنقر ،اللذين اشتركا في قتل الملك الاشرف خليل مما اغضب المماليك الاشرفية ،الذين انتفضوا ضده في العاشر من محرم سنة694ه واستمرت الثورة طيلة اليل ،ودخل الثائرون اسواق السلاح واستولوا على مافيها ،واحذوا خيل السلطان ونهبوا الاصطبلات ،ولكن تمكن كتبغا من القضاء عليهم ،وقد اتخذ لاجين من هذه الانتفاضة وسيلة لتحريض كتبغا على خلع السلطان الناصر محمد ،والحلول مكانه لانه كان يخشى عائلة المماليك الاشرفية من ان ياخذوا بثارهم من قتلة الاشرف خليل. 
 ذهب كتبغا على هذا النحو فجتمع مع الخليفة والقضاة والامراء، وتحدث معهم في عدم اهلية السلطان الناصر محمد نظرا لصغر سنه ،وان السلطنة لابد لها من رجل كامل يخافه الجنود، وتخشاه الراعية، فاستقر رايهم على خلع السلطان ،واقامة كتبغا مكانه على ان يكون الامير حسام الدين لاجين نائبا للسلطنة. 

  2-ازدياد نفوذ الامراء في عهد زين الدين كتبغا:  لما اعتلى كتبغا اريكة عرش مصر على هذا الشكل ادى به ضعفه وقصر نظره ان ملا مراكز الحكومة باتباعه ،و اذنابه ورقى كثير من مماليكه الى مرتبة الامراء وكان من سوء حظه ،كذالك ان رحب بطائفة العويراتة، وهم قبيلة من همج التتار ،طردوا من بلاد الفرس وانزلهم هو وقتئذ في بلاد سوريا، رغم دخولهم في الاسلام بالتدرج ،الا ان الناس ابغضوهم لطبائعهم الوثنية، وخاصة اكلهم .لحوم الخيل، وقد اصاب كتبغا نفسه نصيب من المعرة بانتسابه لهذا الجنس, كان كتبغا سيء الطالع فقد اصيبت البلاد على اثر اعتلائه العرش ،بالقحط، والوباء، واشتداد المجاعة، .وارتفاع الاسعار، وانخفاض النيل، فتشاءم الناس منه ،ومن حكمه وتمنوا زواله , منح كتبغا السلطة لاميرين من خاصته، هما بتخاص وبكتو الازرق، فاساءا استعمالها وتحكما في امور الدولة,وظلما الرعية وحرضاه على التخلص من الامير لاجين ،اشد الامراء المماليك نفوذا في ذلك الوقت ، يبدوان هذا الامير طمع من جهته في منصب السلطنة منذ اعتلاء كتبغا ،فاخذ يكيد له باطنا مستغلا عوامل الكراهية ،والحقد التي اخذت تتجمع ضده وانقلب امراء الشام على السلطان الجديد، لسببين الاول ،لعزله الامير عزالدين ابيك الحموي من نيابة السلطنة في بلاد الشام ،وولى مملوكه اغرولوا العادلي مكانه ،الذي راح يضايق الامراء، والثاني امتناعه عن منح الانعامات وتوزيع الهدايا عليهم كما تعود السلاطين السابيقين عند زيارتهم لشام ,اتيحت الفرصة للامير حسام الدين لاجي لتحقيق تطلعاته السياسية ،فاعتلى عرش السلطنة المملوكية، وعقد اجتماعا مع الامراء لوضع خطة عمل مستقبلية، فاشترط عليه الامراء الذين بايعوه ان يكون معهم كاحدهم، وان لاينفرد بالراي دونهم، فرد عليهم وقال انا واحد منكم ولا اخير نفسي عنكم وانه سيستشيرهم .في مهام الدولة ،عندها حلف له الامراء وبايعوه على السلطنة. ومنه فان هذا التطور في الامور السياسية يدل على ان الانقلابات السياسية، والعسكرية ،والاغتصاب لمنصب السلطنة كان امراء مألوفا لدى الامراء المماليك، في الاحوال التي يكون فيها السلطان ضعيفا، لا يستطيع مجارات الأمراء، وان يهيمن عليهم او ان يكون السلطان صبيا لايفقه امور السلطنة ،ولا يستطيع استيعاب مشاكلها كما حدث مع السلطان الناصر محمد. 

 العلاقات الخارجية: 

 العلاقة مع الأرمن: 

   كان المملكة ارمينيا الصغرى تمر في ذالك الوقت باضطرابات داخلية نتيجة النزاع حول وراثة العرش، وحدوث فوضى داخل المملكة نتيجة نزاع حول العرش، و رغم هذا لم يمنعها من التحالف مع المغول للقيام بحملة ضد المماليك ،غير ان مغول فارس ايضا كانوا يمرون بنفس الظروف ،وقد كان المماليك يراقبون عن بعد هذه الاوضاع المضطربة ،واستغلوها فرصة لمهاجمة العاصمة الأرمنية سيس, كان الأرمن قد تنازالوا للسلطان الاشرف خليل عن بهسنا ومرعش وتل حمدون ،و جددوا الولاء والطاعة للماليك،وأرسلوا اليهم الجزية الا أنهم استغلوا فرصة حدوث اضطرابا داخلية بعد مقتل الملك المذكور سلفا وحاولوا استعادة نفوذهم على تلك المدينة، مما دفع السلطان لاجين الى تجهيز حملة عسكرية لمهجمة المماليك الارمنية ،مزمنا لضعط الداخلي الذي يتعرض اليه من جانب الأمراء، وجاء الحملة بمثابة متنفس لذالك الضغط. ترأس الحملة الأمير بدرالدين بكتاش الفخري، وضمت عساكر من صفد ،وحمص ،وبلاد الساحل وطرابلس ،ورافق الحملة المظفر تقي الدين محمود صاحب حماة على رأس قواته، وعندما وصل لحلب انضم اليه الأمير علم الدين سجر الدوادراي، فبلغ عدد قواته عشرة الاف مقاتل، مما أدرك الأرمن أنهم لا قوة لهم لتصدي للجيش المملوكي، فمالوا الى المهادنة وأرسل ملكهم سمباد رسالة الى السلطان يطلب منه العفو، لكن لم يتلاقى ردا منه نظرا لأن الهدف من الحملة ليس فتح بلاد، الأرم بقدر ماهو عقاب الأمراء المعارضين، بإبعدهم عن البلاد. 

 العلاقة مع مغول فارس:

 يعتيبر اعتلاء غازان العرش المغولي في فارس، نقطة تحول فاصلة في تاريخ دولة الايخانيين، بفعل اعتنق الدين الاسلامي فور اعلائه العرش، وتسمى باسم محمود، وكان فاتحة لاعتناق مغول فارس الدين الاسلامي، واسلام الخانات اذين تعاقبوا على عرش المغول، في فارس من بعده ولكن رغم اعتناق غازان للدين الاسلامي لم يكن رادعا له عن التفكير، في تحقيق الهدف المغولي القديم الهادف الى الاستلاء على بلاد الشام ،ومصر وقد استغل فترة الضعف ،التي سادت مصر أثناء اغتصاب عرش الناصر محمد على يد كل من كتبغا ،ولاجين ،والتي شجعت المغول على القيام بغارات على بلاد الشام.  

 المصادر والمراجع : 

تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام,محمد سهيل طقوش,دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع. 
اليسروليام مولير, تاريخ المماليك في مصر, ترجمة محمود عابرس وسليم حسن,مكتبة مدبولي القاهرة. 
تاريخ المماليك البحرية وفي عصر الناصر محمد بوحه خاص, الدكتور علي ابراهيم حسن, مكتبة النهضة المصرية.

تعليقات